سورة القصص - تفسير تفسير الزمخشري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (القصص)


        


{وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ (15) قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (16) قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ (17)}
المدينة: مصر. وقيل: مدينة منف من أرض مصر. وحين غفلتهم: ما بين العشاءين. وقيل: وقت القائلة. وقيل: يوم عيد لهم هم مشتغلون فيه بلهوهم. وقيل: لما شبّ وعقل أخذ يتكلم بالحق وينكر عليهم، فأخافوه، فلا يدخل قرية إلا على تغفل.
وقرأ سيبويه: {فاستعانه} {مِن شِيعَتِهِ} ممن شايعه على دينه من بني إسرائيل. وقيل: هو السامريّ {مِنْ عَدُوّهِ} من مخالفيه من القبط، وهو فاتون، وكان يتسخر الإسرائيلي لحمل الحطب إلى مطبخ فرعون. والوكز: الدفع بأطراف الأصابع. وقيل: بجمع الكف، وقرأ ابن مسعود: {فلكزه} باللام {فقضى عَلَيْهِ} فقتله.
فإن قلت: لم جعل قتل الكافر من عمل الشيطان وسماه ظلماً لنفسه واستغفر منه؟ قلت: لأنه قتله قبل أن يؤذن له في القتل، فكان ذنباً يستغفر منه.
وعن ابن جريج: ليس لنبي أن يقتل ما لم يؤمر {بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَىَّ} يجوز أن يكون قسماً جوابه محذوف، تقديره: أقسم بإنعامك عليّ بالمغفرة لأتوبنّ {فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لّلْمُجْرِمِينَ} وأن يكون استعطافاً، كأنه قال: رب اعصمني بحق ما أنعمت عليّ من المغفرة، فلن أكون إن عصمتني ظهيراً للمجرمين. وأراد بمظاهرة المجرمين: إما صحبة فرعون وانتظامه في جملته وتكثيره سواده حيث كان يركب بركوبه كالولد مع الوالد، وكان يسمى ابن فرعون. وإما مظاهرة من أدت مظاهرته إلى الجرم والإثم، كمظاهرة الإسرائيلي المؤدية إلى القتل الذي لم يحل له.
وعن ابن عباس: لم يستثن فابتلى به مرّة أخرى. يعني: لم يقل: (فلن أكون) إن شاء الله. وهذا نحو قوله: {وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الذين ظَلَمُواْ} [هود: 113] وعن عطاء: أنّ رجلاً قال له: إنّ أخي يضرب بقلمه ولا يعدو رزقه. قال: فمن الرأس، يعني من يكتب له؟ قال: خالد بن عبد الله القسري: قال: فأين قول موسى؟ وتلا هذه الآية. وفي الحديث: «ينادي مناد يوم القيامة: أين الظلمة وأشباه الظلمة وأعوان الظلمة، حتى من لاق لهم دواة أو بري لهم قلماً، فيجمعون في تابوت من حديد فيرمي به في جهنم» وقيل معناه: بما أنعمت عليّ من القوة، فلن استعملها إلا في مظاهرة أوليائك وأهل طاعتك والإيمان بك. ولا أدع قبطياً يغلب أحداً من بني إسرائيل.


{فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ قَالَ لَهُ مُوسَى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ (18) فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُمَا قَالَ يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ إِنْ تُرِيدُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّارًا فِي الْأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ (19)}
{يَتَرَقَّبُ} المكروه وهو الاستقادة منه، أو الإخبار وما يقال فيه، ووصف الإسرائيلي بالغيّ؛ لأنه كان سبب قتل رجل، وهو يقاتل آخر. وقرئ: {يبطش}، بالضم. والذي هو عدوّ لهما: القبطي؛ لأنه ليس على دينهما، ولأن القبط كانوا أعداء بني إسرائيل. والجبار: الذي يفعل ما يريد من الضرب والقتل بظلم، لا ينظر في العواقب ولا يدفع بالتي هي أحس: وقيل: المتعظم الذي لا يتواضع لأمر الله، ولما قال هذا: أفشى على موسى فانتشر الحديث في المدينة ورقي إلى فرعون، وهموا بقتله.


{وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ (20)}
قيل: الرجل: مؤمن آل فرعون، وكان ابن عم فرعون، و{يسعى} يجوز ارتفاعه وصفاً لرجل، واتتصابه حالاً عنه؛ لأنه قد تخصص بأن وصف بقوله: {مِنْ أَقْصَى المدينة} وإذا جعل صلة لجاء، لم يجز في {يسعى} إلا الوصف. والائتمار: التشاور. يقال: الرجلان يتآمران ويأتمران، لأن كل واحد منهما يأمر صاحبه بشيء أو يشير عليه بأمر. والمعنى: يتشاورون بسببك {لَكَ} بيان، وليس بصلة الناصحين.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8